نمر أحيانا بكلمات أغانٍ أو أشعار ونعييها بشكلٍ ما و لكن حينما تمر الكلماتُ بنا نعيي حينها معانٍ أخرى
أخبرني صديقٌ ذات مرة أن القراءة الثانية لكتابٍ أو روايةٍ تختلف كثيرا عن الأولى ، قد يكون الاختلاف في فهم او في الرأي نتيجة تطور رؤيتنا و أفكارنا طوال الوقت .
الشئ ذاته يحدث مع الموسيقى ، فتأثير الأغنية عند سماعها لاول مرة مختلف تمام عن الثانية و الثالثة و العاشرة .
فكل مرة نستمع فيها نري تفاصيلا جديدة في اللحن و الكلمات .
من منا لم يتسمع لقصيدة الاطلال سواء من صاحبتها أم كلثوم او من أي شخص اخر تغني لها و من منا لم يقرأها كقصدية فقط و أمعن التدبر في معانيها .
لن أبدأ من بداية القصيدة و لكن أبدأ من حيث بدأت أنا في تغيير رؤيتي لها
" انني اعطيت ما استبقيت شيئا "
" ان" اسلوب توكيد ... ليس فقط تأكيداً على عطاء عادي ٍ و ليس للمن .
بل ما يبدو جليا من صوت أم كلثوم و هي تشدو او في صوت غالية بن علي - التي أفضل الاستماع للاغنية منها - هو " ألم العطاء " ،فعطاء الحب ليس عطاءاً عادياً ، ليس ذلك النوع من العطاء الذي قد نمن به على من اعطينا .
ولكن إن لم يكن كذلك ، فماذا قصد ابراهيم ناجي بها و ماذا قصدت كل من أشدت تلك القصيدة ان توصله بصوتها .
قد يأتي في أذهاننا عطاء الوقت و المشاعر الاهتمام ، عطاء التضحية بالكثير حتى ننجح في علاقة ما او حتى نصل لمن نحب و نصلهم بنا
ولكن هناك نوع آخر ، عطاء الحياة ، فنحن حين نحب نعطي لمن نحب حياتنا ، نحلم بسمتقبلنا معهم و نخطط له معهم ، نعيش معهم حاضرنا ، نحكي لهم ما فات من ماضٍ لم يكونوا معنا فيه. حين نحب نعطي كل ما نملك من حياة ، من قدرة على الحياة.
نعطيهم وعداً .. فقط وعداً بالبقاءو الوجود .
الحب لا يضع حدودا و شروطا ، حين نحب نمتزج مع من نحب وتولد حياة جديدة هي في الاصل حياتنا معا ، لهذا يظهر هذا الالم في " انني أعطيت ما ستبقيت شيئا " فماذا يبقى بعد ان نعطي الحياة ...لا شئ !
كنت من قبل حين استمع لها اشعر بقليل من الضعف في انها قد اعطته حياتها ، و لكنني انتبهت للقوة الكامنة خلفها ، فعطاء الحياة هنا لم يكن بعده موت و استسلام ، بل رفض للقيود التي أدمت معصمها و لا ألوم عليها في انها تركتها حتى أُدميَ معصميها ، فحين تحب تتشبث بكل قطرة أمل مهما كانت صغيرة حتى و ان كانت على حساب معصميها ، و لمَ اللوم فحين لم يكن هو باقيا عليها لم تبقِ هي على القيد .
" مع احتفاظي بعهود لم تصونها ... "
لان هذه العهود كانت هي الحياة في وقت ما و ما لم نمت فالعهود محفوظة . و لكن " لم َ الأسرُ " داخلها طالما لم تُصان .
نحن حين نأخذ قراراً بهجر اوقطع علاقة ليس دوما لأننا كرهنا الطرف الآخر - و استخدم دوما لانه أحيانا يحدث و ليس شيئا مطلقا - ولكن فقط قررنا ننتبه لانفسنا أكثر مما كنا نفعل و قررنا الاحتفاظ بالعهود و البحث عن أنفسنا .
-----------------------------------------------------------------
المقال منشور في مدونة " نون "
http://www.nooun.net/show_article/%D9%85%D9%86%20%D8%A8%D9%8A%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B7%D9%84%D8%A7%D9%84/
فكل مرة نستمع فيها نري تفاصيلا جديدة في اللحن و الكلمات .
من منا لم يتسمع لقصيدة الاطلال سواء من صاحبتها أم كلثوم او من أي شخص اخر تغني لها و من منا لم يقرأها كقصدية فقط و أمعن التدبر في معانيها .
لن أبدأ من بداية القصيدة و لكن أبدأ من حيث بدأت أنا في تغيير رؤيتي لها
" انني اعطيت ما استبقيت شيئا "
" ان" اسلوب توكيد ... ليس فقط تأكيداً على عطاء عادي ٍ و ليس للمن .
بل ما يبدو جليا من صوت أم كلثوم و هي تشدو او في صوت غالية بن علي - التي أفضل الاستماع للاغنية منها - هو " ألم العطاء " ،فعطاء الحب ليس عطاءاً عادياً ، ليس ذلك النوع من العطاء الذي قد نمن به على من اعطينا .
ولكن إن لم يكن كذلك ، فماذا قصد ابراهيم ناجي بها و ماذا قصدت كل من أشدت تلك القصيدة ان توصله بصوتها .
قد يأتي في أذهاننا عطاء الوقت و المشاعر الاهتمام ، عطاء التضحية بالكثير حتى ننجح في علاقة ما او حتى نصل لمن نحب و نصلهم بنا
ولكن هناك نوع آخر ، عطاء الحياة ، فنحن حين نحب نعطي لمن نحب حياتنا ، نحلم بسمتقبلنا معهم و نخطط له معهم ، نعيش معهم حاضرنا ، نحكي لهم ما فات من ماضٍ لم يكونوا معنا فيه. حين نحب نعطي كل ما نملك من حياة ، من قدرة على الحياة.
نعطيهم وعداً .. فقط وعداً بالبقاءو الوجود .
الحب لا يضع حدودا و شروطا ، حين نحب نمتزج مع من نحب وتولد حياة جديدة هي في الاصل حياتنا معا ، لهذا يظهر هذا الالم في " انني أعطيت ما ستبقيت شيئا " فماذا يبقى بعد ان نعطي الحياة ...لا شئ !
كنت من قبل حين استمع لها اشعر بقليل من الضعف في انها قد اعطته حياتها ، و لكنني انتبهت للقوة الكامنة خلفها ، فعطاء الحياة هنا لم يكن بعده موت و استسلام ، بل رفض للقيود التي أدمت معصمها و لا ألوم عليها في انها تركتها حتى أُدميَ معصميها ، فحين تحب تتشبث بكل قطرة أمل مهما كانت صغيرة حتى و ان كانت على حساب معصميها ، و لمَ اللوم فحين لم يكن هو باقيا عليها لم تبقِ هي على القيد .
" مع احتفاظي بعهود لم تصونها ... "
لان هذه العهود كانت هي الحياة في وقت ما و ما لم نمت فالعهود محفوظة . و لكن " لم َ الأسرُ " داخلها طالما لم تُصان .
نحن حين نأخذ قراراً بهجر اوقطع علاقة ليس دوما لأننا كرهنا الطرف الآخر - و استخدم دوما لانه أحيانا يحدث و ليس شيئا مطلقا - ولكن فقط قررنا ننتبه لانفسنا أكثر مما كنا نفعل و قررنا الاحتفاظ بالعهود و البحث عن أنفسنا .
-----------------------------------------------------------------
المقال منشور في مدونة " نون "
http://www.nooun.net/show_article/%D9%85%D9%86%20%D8%A8%D9%8A%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B7%D9%84%D8%A7%D9%84/
No comments:
Post a Comment