Sunday, February 2, 2014

لم أعرف من قبل مندور معتقلا

ستة أشهر و خمسة عشر يوما فصلت أحمد مندور عن أصدقائه ؛ فصلته عنَا .!
قد بدا لي أنهم أطول بكثير مما هم ، ولا أعلم كيف يمضي الوقت بين حوائط السجون .


لم أعرف من قبل مندور معتقلا ،  لم أشعر بالتضامن او الغضب من قبل لمعتقل اعرفه ، لم يساورني شعور إفتقاد المعتقل من قبل  . عرفت الان فقط معنى القلق الحقيقي و الافتقاد لصديق مغترب بين حوائط الزنازنة .

قد أكون غضبت من قبل لأحد المعتقلين اوحاولت  ان أقدم ما استطيع - والذي لم يكن يوما شيئا ذو قيمة -لمساعدته ، بدافع  الغضب ،  او التضامن ، او الثورة التي باتت بين أضلعنا جميعا و أحيانا  الحزن و الألم على المعتقل الذي لم أعرفه يوما .
اذكر اني  بكيت  مرة ًمن الحزن والشعور بالظلم لعلاء عبدالفتاح عند ولادة ابنه بينما هو داخل سجون طنطاوي وأخرى  حزنا على أحمد الجيزاوي  ، واعتقدت وقتها ان لا غضب قد يملأني أكثر مما كنت أشعر به وقتها .
ظننت من قبل عندما كنت اقرأ كلمات لصديق عن صديقه المعتقل ، اني استطيع ان اشعر بما يشعر  ،و لكني عرفت الان ان هذا منهم لم يكن حقيقيا كما ظننته .  فلاحزن  يضاهي حزني و افتقادي لصديقي أحمد مندور .لم أتصور من قبل القلق الذي يسرق النوم و التفكير لحظة تحديد جلسة للنطق بالحكم ، التي قد تحمل بعدها أملاً أو ألما ً.


أفكر كيف مرت عليك يا صديقي كل هذه الأوقات ، التي بالنسبة لنا قد انقسمت للعديد من المحطات وقت كل جلسة تجديد لك ، عندما يوجد أمل - حتى لو كان كاذبا - بإحتمالية خروجك لنا .
أفكر ماذا تشعر ، بم تفكر ، هل أنت قلق ، أم متفائل ، هل تمكن منك اليأس ، هل استطاعت زنازنتك ان تحجب الأمل و القوة عنك ام ان صبرك و أرقك يتحولان لقوة بداخلك تنتظر ان تخرج من بين هذه الحوائط ، هل تشعر بالبرد والسقيع مثلما كنا نشعر أم أكثر مننا ، أم هل يدفئك وقود الثورة المحبوس معك و بداخلك . هل تستطيع ان تجد تعزية لنفسك ، ام انك مثلنا يزيدك قهرا أنك محتجزا بلا قضية ! فقط ، ظلم الدولة .
 هل تشعر بالغضب منا ، أم انك قد تعذرنا فيما نشعر به من عجز .  العجز الذي يقيدنا في محاولاتنا للدفاع عنك و المطالبة بحريتك . نلوم أنفسنا كثيرا على كل لحظة تقضيها في بيت الظلم و لكن صدقني يا رفيقي ، ثورتنا في أحلك وقت لها ،والظلم يسرق الأمل منا و يقيدنا .

حقيقة أننا يتملكنا اليأس و القهر كثيرا و لكن تصل خطابتك و كأنها توقظنا و تنبهنا . كلماتك الحماسية التي تؤكد لي ان الأحرار لا تستطيع حوائط العالم ان تحتجزهم .  
من هم بمثل ضميرك لا يُسجنون يوما . من لهم ضميرا حيا وحرا مثلك ، لا يهزمون ، ولا يستطيع الظلم ان يُسكتهم . أظن أن عند خروجك -الذي أرجوه قريبا- قد تؤنبنا على إخفاء بعض الكلمات من خطاباتك ، ولكن لم يفعل أحد هذا إلا خوفا عليك من بطش الدولة ، نعم ، نخاف عليك من غضبهم من كلماتك . نخشى أحيانا ان يعلموا كم أنت قويا و حرا لئلا يقرروا ان يستمروا في محاولاتهم البائسة لحبسك مدة أطول . 

أظن ان ما يزعجك كثيرا في وحدتك و يزيدك قهرا ، هو أنك لا تستطيع ان تقاوم سوى بالصمود قويا ، أرى ذلك في كلماتك عندما تحثنا على المقاومة والنضال و الاستمرار في طريق ثورتنا مهما واجهنا من صعوبات . أعتقد انك تتوق للخروج ليس فقط من أجل استرداد حقك في الحياة ولكن أيضا ، لاستكمال طريق نضالك  مع قاطني المقابر و العشوائيات ، و استكمال حلمك للثورة من أجلهم .
اذكر عندما تعرفت عليك لأول مرة كانت عندما وجدت شخصا متواجدا مع أهالي رملة بولاق وقت اشتباكاتهم مع الشرطة و قُتل أحدهم و وجدت شخصا واحدا بقي مع الأهالي ذلك اليوم حتى منتصف الليل بمفرده  . ما لا يعرفه أحد عن مندور ذلك اليوم و -والذي اظن انه قد يلومني على ذكره-انه ذلك اليوم أصيب بقنبلة غاز في رأسه و أسعفه الأهالي .لم يخبر أحدا و لن يفعل ، حتى في انه في أحد  الأوقات حدث خلاف بسيط ، و زايد عليه أحد أصدقائنا انه الأقل عملا ونشاطا ، لم يفكر مندور في رواية مثل هذه الواقعة بالرغم من انها كانت كافية في رأيي لإثبات صدقه في نضاله . لم يكن يأبه كثيرا للحديث عن نفسه حتى لو دفاعا. مندور كان أقلنا حديثا ولعله هو الأكثر صدقا بيننا .

يتجدد بداخلي الأمل والقلق معا في انتظار يوم جلسة النطق بالحكم في قضيتك ، أفكر فيما سنحكيه لك عن الشهور الست التي قضيتها بعيدا عنا وكيف سنحتفل بحريتك و كيف ستنقل لنا حماسك المحتجز لنكمل طريق النضال سويا ، ثم يغلبني القلق من أن يصدر ضدك حكما ، يخفيك عننا شهورا أخرى . 
أتمنى ان يكون ما ذكرته في اخر خطاب لك حقيقيا و تكون فعلا " هانت .. وكلها أيام "  ... الحرية لك يا صديق .. وكما قلت " لن تهزم مادمت تقاوم " 





Thursday, October 10, 2013

بائع الورود

كانت تجلس امام عجلة القيادة تنتظر ان يتحرك سرب السيارات الواقف حولها حتى تبدأ في الحركة معه و لكن بعدما أدركت انها لن تتحرك قبل عدة دقائق ، سمحت لفكرها ان يغزو هذا الازدحام قليلا و ان تمضي معه بعض اللحظات :
 لكن باغتتها فجأة باقة من الورود  و وجها يبدو عليه التعب و الاسمرار و بعض التعرق من حرارة الشمس و الحركة الكثيرة ، مقاطعا شرودها بصوت خشن و مرح " مش عايزة ورد يا آنسة  ؟ "
 لم تجب و اكتفت بعدم الاهتمام ولكنه أصر على اختطافها مما كانت تغرق فيه و قال و هو يقترب من نافذة سيارتها " طب ايه رأيك ان وشك باين عليه انك عايزة وردة حلوة  " 
اشارت إليه بأنها لا تريد و فرحل و تركها بعد ان انتزعها من شرودها و تركها  مع صدىً لكلمته " وشك باين عليه انك عايزة وردة حلوة " 

كيف علم ذلك ، هل حقا تظهر عليها الوحدة  أم انه بائع متجول يعرف كيف ينتقي كلماته ليجعلك تشتري ما يبيع أيا كان !
هل تكسو فعلا ملامح وجهها علامات حزن جعلته يحاول اختطافها منه و " بالمرة يلقط رزقه " ، و انتبهت إلى ان هذا الرجل رزقه  هو ان يبيع الورود ، يبيعها لصديقين يريد أحدهما ان يدخل البهجة على الاخر ، او لحبيبين لا يجد أحدهما وسيلة أفضل من وردة صغيرة للتعبير عن حب او إعجاب ، او شاب يحاول ان يغري فتاة و هو يعلم ان الورود هي دائما أقصر الطرق لقلوب المراهقات  او شخص ما  شارد ، قد يشتري لنفسه وردة كي يبهج نفسه  او شخص آخر ينتظر ان يهديه أي احد وردة و لم يجد فسيشتريها منه و كأنما البائع هو من أهداها له . ظلت تفكر في كل هذا و تحاول ان تعرف هل هي واحدة من هؤلاء ، أم انها ليست هدفا لهذا البائع و لهذا تركها و رحل سريعا ولم يلح كعادة هؤلاء الباعة 
أم انه رأى على وجهها حزنا جعله يشفق عليها و يتركها ام ان هذا الحزن جعله يضيق بها و يعرف انها ليست هدفا لما يبيع فرحل 

وبينما هي غارقة في كل هذا ، فوجئت بدموع تغزو وجهها من هذا المنبع العميق ما بين جبهتها و خديها التي تحدده هالة سوداء من الأرق و التعب ، و إذا بأصوات صياح السيارات من حولها تنبهها بأن السرب المتوقف بدأ في الحركة و عليها مواكبته .. 

استعدت للحركة و جففت دموعها التي اجتاحت خديها و قررت ابقائها في منبعها ، و مضت  تفكر في طريقها واعية انها لا تملك وقتا لتقف و تغرق في شرودها بل عليها ان تنتبه لما ستقضيه من خطوات و تحدد كيف و أين و متى تخطوها حتي يكتمل الطريق وان أحدا لن يأتي ليرسم لها طريقها و لاحتى بائع الورود ..... 

Monday, April 15, 2013

Shoes !


I really Believe that People are just like " Shoes " ,

Some fit , others don't ,
Some fit but we dont like them ,
Some dont fit but we like much ,
Some , we Just think they may fit , but when we try ,we'll find out they dont .

Maybe some of these that dont fit  need an attempt to make it fit , they'd hurt , but we'll get used to it ,like them and also they are gonna fit to us  . In other words , you and the shoes will get used to each others ,by some effort from BOTH.

Some other shoes would perfectly fit , but by time , we find out how they could harm us , and we'll hate them and wish we haven't tried them , But in the end , one should try to get the error !

Some shoes would fit , and we like them , but they are made of a bad material ,
we may not always discover that except after using them and get harmed by them more than once , hence , we would learn NEVER to try them again , and we do .


Here ,  we know we Learned the Objective  and we are becoming experts in " The Shoes World "  .
So , when trying a new one , Remember the old ones you tried before .
Dont Regret or curse an old trial , without trials , your life worth nothing .
Learn how to deal with tough shoes and make them tender ,Learn how to Tame the Shrew , It needs some Gentle Manner .

Be an Expert ! 

Wednesday, March 27, 2013

مدونة نيوتن المصرى : فريدة 6 (الحب والصداقة)

مدونة نيوتن المصرى : فريدة 6 (الحب والصداقة): الحلقة السابقة:  فريدة 5 لقراءة الحلقات السابقة  اضغط هنا   ليس الامر بتلك السهولة التى اتوقع، لا يمكن اهمال حسابات العقل والتى يض...

Tuesday, March 26, 2013

مشهد من حياة !

تمنت ذات يوم لو أن من حولها يعلمون ما يجول بداخلها تجاههم و لو أنهم يأخذوها بنيتها و قلبها هي لا هم . 
قالت لها إحداهن ذات يوم " لا تنتظري من الناس أن يعاملوك معاملة حسنة ، فهم لا يفعلونها أبدا و توقعي دوما الأسوأ ، فالناس لا يعطوا بقدر ما يأخذوا بل أقل و قليلون هم من مثلك يعيشون بحب الطفل المطلق " ، لكنها لم تصدق و قالت " سيعلم من أحب أني أحبهم و أني لا أريد لهم سوءا ، بل أريد كل خير " 

قالت لها صديقتها " مازالت لم تتعلمي من تجارب الحياة " ، ردت مسرعة ، "بل تركت بداخلي الكثير ، لكني أعيش بطفلة لا تريد أن تنضج أبدا " قاطتعها " ستنضج من الآلآم إذا لو ظلت عنيدة " ، قالت " رأيت ما يكفي منها و لكن الطفلة بداخلي أعظم مني ، لا تريد أن تنضج أبدا " 

ردت كأم تحنو على طفلتها ، " إذا ستظلي في تعب الحياة هذا ، فلا أحد من حولك يعلم بأمر الطفلة و حتى من يعلم لا يعي ، و من يعي لن يواكبها ، لا مفر من أن تنضجي " 

قالت و عيناها تلوح بالدمع " حاولت مرارا أن أنضج و أحب عالم النضوج و العقل و لكنني وجدت أناسا يحبون أنفسههم فقطو يكرهون غيرهم و تقسو قلبوهم كثيرا ، صحيح أن الأطفال يكرهون و منهم الأناني أيضا و لكن تظل هالة نور البراءة تحوم حولهم و تفوق أي مشاعر سلبية ، و أنا أريد أن أحافظز على هذه الهالة ، لا أريد أن أفقدها في عالم النضوج و الكبر " ،، 

ردت ويداها فوق كتفها " أفيقي ، فأنت لم تزل تلك الطفلة ، أنت فتاة ناضجة يافعة في مطلع العمر ، سيطري على طفلتك و حافظي على هالة النور و لكن واكبي من حولك " 

قالت و الدموع تتفجر من عينيها " لا أستطيع ، فكلما حاولت مصالحة العالم ، خاصمني و أزعجني " .... أجهشت في البكاء قليلا ، ثم هدأت و قالت " أعلم أن ما الطفلة تؤرقني كثيرا ، و أعلم أنني لا يجب ان أنفصل عن الواقع و لكن هذه أنا ، طفلة صغيرة توقعت من العالم الأفضل فلن تجد إلا الأسوأ ، كمن جاء من الريف إلى الحضر ليعيش حياة متطورة ، فلم يجد إلا الزحام المفزع ..... ها أنا أتوه في هذا الزحام و مهما وجدت حولي من أياد تساعدني ، تتركني في لحظة ما لتهتم بشأنها قليلا ، فأظل انا في تلك اللحظات تائهة و أقرر أن أصمد و أن اواكب الحياة ، فأحوال العبور وحدي فإذا بي ارتطم بأشياء لا أعلمها و لا أعلم من أين أتت و لكنى أصمد و الطفلة بداخلي تساندني ظنا منها بأن في الصمود سعادتي ، و لكني أسقط ، و أعاود الصمود لأسقط فإذا بي اجد يدا تأخذ بيدي و تعلمن كيف أقف و اواجه الزحام و لكن تعاود الحياة الكرة و تاخذ هذه اليد مني ... أحيانا أرى من الأياد ما ظننته صالح و هو ليس كذلك و أحيانا أتيقن ان منها ما لم و لن أجد أصلح منه ، قد تكون يد صديقة أو صديق لم أجد أصدق منهما حقا و لكن صفقة الحياة اللعينة مع القدر تعود لتأخذهم ، فأسقط مرة أخرى و أمضي أيامي سقوطا ، فأقرر في نهاية اليوم أن أعود لطفلتي و أسكن بداخلي وأعتذر لها عما جلعتها ترى من هول الزحام .... أعلم أن هذه هي الحياة و لكن هذه أنا و هذه صفقة الحياة و القدر " 


تنظر إليها مشفقة  و تقول بصوت خافت " كم أنت رقيقة  " فتقول " بل أنا هشة "  ، فتبتسم لها و تقول " اعلمي ان صفقات الحياة و القدر عادلة ، تظلم أحيانا و تنصف أحيانا و لكنها في النهاية تعدل و تحنو ، فهما لا يعقدان صفقات قذرة ، بل كلها صفقات في النهاية مربحة ، و سترين ربحك يوما ما و ستلقيت وسط الزحام يد أخ و صديق و صديقة يعلمون كم أنت هشة و رقيقة لن تكون أيديها قاسية عليكي و لن تأخذهم صفقات منك و لن تسطقي منهم " .... سكتت قليلا و أكملت " و ستربيحن يوما ما قلبا كقلبك تائه في هذا الزحام و مفزوعا منه ، فلتطئنوا بعضكم سويا " 

ابتسمت وجنتاها و كان جليا أن من تبتسم هي هذه الطفلة التي عاودت السيطرة ، جففت دمعها و مضت لتضيع مفزوعة مرة أخرى في الزحام 

Monday, December 3, 2012

أزمة استفتاء البنتجان


أزمة استفتاء البنتجان .. 
مازالت أزمة الاعلان الديكتاتوري قائمة و الثورة تقع بين فكي اختيارين ، المر او اللي أَمر منه .
و لكن الأمر برمته حتى الآن يعتمد على موقف القضاة ، إما ان ينتهي النزاع الحالي بينهم و بين السلطة او على الأقل تصل الزوبعة لنقطة "الفشنك " عن طريق تيار القضاة الاخوانجي و يستطيعون فرض نفسهم و نصل إلى نقطة إجراء الاستفتاء بالفعل تحت إشراف قضائي ، صحيح انه ستشوبه بعض المشاكل إلا اننا سنكون بالفعل أمام " استفتاء على مسدوة الدستور تحت إشراف قضائي " .

و الأكيد أيضا اننا " هنلبس " في الدستور بسبب دعاة الجنة و الاستقرار ، صحيح ان رصيد التيار الاسلامي قد تقلص بشكل ملحوظ و لكن لا ننكر قدرتهم على الحشد و استغلال فزاعتي الفلول و الاستقرار و قد يتم ترويج أيضا خطاب لمن هم ضد الاخوان " عشان قرفوا منهم و ماشفو حاجة عدلة "  بأن " خلونا نستقر و بعدين نبقى نخلص منهم " . و البعض أيضا- واعتقد أنها نسبة كبيرة ستميل إلى خيار عدم المشاركة و هذا يؤكده تفاوت الاعداد التي شاركت في الانتخابات السابقة ، ففي انتخابات البرلمان كانت نسبة المشاركة 62% ،ثم 50% في انتخابات الرئاسة ، لذا أتوقع ان نسبة المشاركة لن تزيد عن هذه النسبة أيضا ، مما يعطي مؤشرا  بأن النتيجة ستكون " نعم " .
إذا لقد وقعنا في الفخ ، فماذا نحن فاعلون !

خلال هذا الوقت أعتبر استمرار الاعصتام في الميدان " هلس " او " مراهقة ثورية " فالبعض يقول اننا نعيش في ال 18 يوم و ان الرئيس سيسقط و لكن الظروف الراهنة تثبت ان هذا عبث و اننا نمضي مرة أخرى في طريق الفخ الذي نقحم أنفسنا فيه ببراعة و هو الانعزال الجماهيري و التقوقع داخل الميدان ، فقد أصبح شيئا اعتياديا عند الكثيرين انه " ده في اعتصام في التحرير ، اما نشوف طريق تاني نمشي منه "  ، بالإضافة إلى ذلك، الوقت المتبقى على الاستفتاء في الواقع قليل جداا و مازالت القوى الثورية كلها تعاني من شروخ و انقسامات واضحة ستضعف من قوتها على الحشد و تضعف من قدرتها على التواصل بشكل فعال مع الجماهير خصوصا في ظل استمرار الاعصتام بهذا الشكل .

 زخم الاحداث جعل بعض ممن يسمون أنفسهم " حزب الكنبة " يتركون الكنبة و ينزلوا إلى الشارع ، و جعل بعضا من مؤيدي الهدوء و الاستقرار  يغضبون من الاخوان لانهم حتى الآن لم يروا هذا الاستقرار المزعوم منذ استفتاء 11 مارس ، لذلك فهناك شريحة من الجماهير ستتخذ موقفا واضحا  ضد الاخوان   ، فلماذا لا  نُطلق حملات ضد الدستور نوضح للجماهير- المغيب بعضها- لماذا نرفض الدستور ، و لماذا نرفض الاستفتاء نفسه و لماذا اللجنة باطلة . صحيح ان النتيجة في الأغلب ستكون بتمرير الدستور- إما لتفتت القوى او بسبب دعاة الاستقرار الوهمي و دعاة دخول الجنة -   و لكن قد تستطيع  القوى الثورية ان تصنع من هؤلاء الجماهير قاعدة ثورية حقيقية تتولى الثورة في مراحلها المقبلة .

لا أستطيع ان أجزم حتى الآن هل الافضل هو دعوة الجماهير للمقاطعة ام للتوصيت ب " لا" ، و لكن هذا يعتمد في النهاية على أحداث الايام المقبلة و على موقف االقضاة و لكن في كلتا الحالتين ، علينا ان نتخلى قليلا عن المراهقة الثورية و " و حلم  الشهيد " و" الزحف المقدس " و" حلم الثورة الجميل اللي لسه في الميدان " فالثورة لم تعد في الميدان و إن استمرت فالميدان فقط فستموت ؛على الثورة ان تتوغل  في شوارع و حواري الفقراء ، فمن أجلهم هم قامت الثورة ، و لن تستمر سوى بهم ؛ و كفانا أحلاما من الميدان و لنجعلها حقيقة في الأحياء .

كفانا مراهقة و لتنصرف كالبالغين قليلا و نتعلم من أخطائنا .


Friday, November 30, 2012

تذكِرةٌ.. فتفكروا يا أولي الألباب




منذ حوالي عام وثماني أشهر، قامت بعض جموع الشعب تنتفض ضد نظام ظالم وقامع، يُسَخر جميع أنظمة الدولة لحمايته ولم يعمل قط على بناء الدولة بل كان دائما حريصا على بناء مملكته الخاصة، مبررا كل أفعاله بأكاذيب إعلامية تسمم العقول.. صحيح أن هذه السموم التي بثها النظام أكثر من ثلاثين عاما قد أصابت المواطنين بالعقم الفكري والسياسي الذي يجعل ولادة الثورة مستحيلا، ولكنه لم يكن عقما حقيقيا، فشدة القهر والظلم أدت إلى ولادة ثورة.
تلجأ الأنظمة الرأسمالية دائما إلى تسخير كل ما أوتيت من قوة لوأد وإسكات أفواه العمال التي لن تلبي مطالبهم، لأنها تضر بأرصدتهم البنكية لذلك فهم يلجئون لإعدام العمال معنويا و جسديا. . مثالا على ذلك ما فعله عمال غزل المحلة من إضرابات واحتجاجات، تصاعدت حدتها حتى وصلت للمطالبة بإضراب عام في 6 ابريل 2008 وانضم الطلاب والنشطاء لتلك الدعوة التي تعتبر قد نجحت في إزاحة أول عائق من عوائق الخوف.
بل يمكننا أن نعتبر ما فعله العمال في هذا اليوم بذرة الثورة.. انتفاضتهم وإعلان عدم خوفهم من نظام مبارك لم يكن نابعا من شجاعة متناهية من العمال، بل هو نتاج كبت وقهر وفقر استمرو طويلا حتى جعلوهم فاقدين الأمل في الحياة أو يمكن أن نقول أنهم اتبعوا المثل القائل “عليَ وعلى أعدائي”.. فاض بهم الكيل فلم يكن للخوف مكان.
أعتقد النظام أن استخدام السلاح  في القمع هو الأقوى جاهلين قوة العمال الذين هم  في أي مكان في العالم العامود الأساسي للدولة.. هم من يملكون إقامة النظام أو إسقاطه ودائما ما تتجاهل الأنظمة هذه الحقيقية، وتلجأ إلى قمعهم بالقوة، إلى جانب إلهاء المواطنين بقضايا زائفة وخلق مناخ زائف من الديمقراطية لتكميم العقول قبل الافواه، ولكن كل هذا جعل من المواطن قنبلة موقوتة وقد انفجرت بالفعل مع زيادة التعذيب وسقوط ضحية مثل خالد سعيد والتي لم يأبه لها النظام بل استمر في الزيف والكذب، وأكملوا السير على درب التزوير في الانتخابات، وعندما استشعروا أن رائحة عفنهم قد طغت، حاولوا إلهائنا في فتنة طائفية لم يعلموا أنها كانت المسمار الأخير في نعشهم وانتفض الشعب أملا في إسقاط النظام حتى يستطيع أن يسترد كرامته و حريته.
في هذه الآونة، كانت جماعة الإخوان المسلمين أو كما أطلق عليها النظام “الجماعة المحظورة”، تلعب دورا هاما في المعارضة، وكانت تظهر مع العمال والطلاب في تظاهراتهم ضد النظام.
وبالطبع كان لهم دورا في الثورة أيضا، ولكن دعونا لا نخوض في مهاترات حول نزولهم يوم 25 يناير ونتصارع على من أول من دعا لذلك، فكلنا يعلم جيدا من دعا لهذا اليوم… ولكن فقط نسلط الضوء على أحد ردود أفعال جماعة الإخوان التي كانت في هذا الوقت إحدى الفصائل السياسة على الساحة، و هو أنها خضعت لأول محاولة تفاوض !
بعد سقوط مبارك وتولي المجلس العسكري، والذي هو أحد أعمدة النظام احتفلت جموع الميدادين، وغفلنا حقيقة المجلس العسكري، فقد أخطأننا و ظننا أنهم قد يحدثوا تغييرا.. لا نعفي أيا من التيارات السياسية من الوقوع في هذا الخطأ و لكن نلوم على جماعة الإخوان التي نعلم ذكاء قادتها وحنكتهم السياسية والتي بالتأكيد لم تعميهم عن حقيقية المجلس العسكري إلا إنهم تغافلوا هذه الحقيقية ومع الوقت نفاجئ بهم يسيروا على درب المجلس.
انخدع بالفعل غالبية الثوار، ولكنهم عادوا لينادوا مرة أخرى بما طالبت به الثورة من عدالة اجتماعية وحرية، وزادت عليهم المطالبة بالقصاص العادل فنفاجئ بمحاكمات هزيلة، وعدم وجود أي جدية لتطهير أيا من كيانات الدولة !
بدأ أيضا المجلس العسكري كحاكم للبلاد بارتكاب نفس الأخطاء التي ارتكبها نظامه البائد من قمع واستخدام القوة المفرطة.. لم يكن هذا غريبا بالطبع فهو جزء من النظام، لكن كان الصادم هو موقف  جماعة الإخوان – الذي لا يمكن إخفاؤه أو إنكاره -  ووقوفهم بجانبه، وتخليهم عن الثوار، وبرز هذا الموقف في محمد محمود ومجلس الوزراء، حين لم يكتفوا فقط بالتخاذل بل والقوا التهم أيضا بالبلطجية و التخريب مما يعود بأذهاننا إلى اتهامات مبارك و نظامه.
تغاضى البعض عن كل هذا ووقف بجانبهم في الانتخابات أملا في أن يعودوا إلى مسار الثورة إذا تولوا مقاليد الحكم الذي سعوا له ولكن إذ بنا نلقى الآن ما كان يفعله نظام مبارك من تصدي للتظاهرات بالعنف، وعدم الاستجابة لمطالب الثورة من الحرية واستمرار حبس المعتقلين والذين لا ينتظرون لجنة ، بل ينتظرون قرارا ثوريا من الرئيس الذي أتى بعد الثورة !
أيضا الظاهرة الأخطر والتي تعد إنذار خطر للنظام هي التصدي لإضرابات العمال إما بالقوة كما حدث في إضراب عمال النقل أو بالإهمال أو بإطلاق شائعات حولهم بأن مطالبهم فئوية ولا يعوون أيدا ان هذه هي العدالة الاجتماعية التي نادوا بها يوم 25 يناير !
يقول البعض أن الرئيس ليس بيديه شيئا من هذا وإن من حوله من بقايا النظام يحاولون تشويه صورته، مما يعيد أذهاننا أيضا إلى قول زبانية مبارك من انه لا يعلم شيئا و ان من حوله يضللونه.. إذا كان هذا صحيحا فقد كان عليه  التخلص من بقايا النظام،  لكنه  أتى ببعض منهم في حكومة جديدة مثل وزير المالية الذي كان سكرتيرا لبطرس غالي !
أتمنى أحيانا أن يأخذ الرئيس قرارا واحدا ثوريا، مع علمي انه لن يفعل فعباءة الرأسمالية لن تسمح له بذلك .
أحاول أحيانا أن أفكر بطريقة “اديله فرصة” ولكن تختفي هذه الفكرة تماما من ذهني حين أرى غلاء الأسعار في ازدياد، وعندما أري مسيرة البحث عن الاستثمار الخارجي ودعم رجال الأعمال على حساب الفقراء مستمرة.
حتى الآن لم يتم اتخاذ قرارا ثوريا واحدا.. حتى الان ما زالت الثورة حائرة تبحث عن مطالبها، ومازال العمال يصرخون بل وصرخاتهم تزداد رنينا عن الماضي، لذلك يستوجب إنذار النظام الحالي أن يكون لهم في نظام مبارك عبرة فالفقراء قنبلة موقوتة إذا استمر تجاهلها فتنفجر حتما في ثورة أعنف مما سبقت فمطالب الثورة أصبحت تتعلق الآن بدماء من ماتوا في سبيلها ولم يُقتص لهم..
هذه فقط تذكرة، فتفكروا يا أولي الألباب

22\9\2012
http://www.youmgdeed.com/archives/11997