Sunday, April 29, 2012

وجوههم



تراه بين الحين والآخر.. تارة يقترب و تارة يبدو بعيدا و تارة أخرى تراه واقفا لا يحرك ساكنا.. ترى له علامات و دلالات مختلفة ، منها ما يزيدك يقينا به ومنها ما يضعفه.

تراه في كل قطرة دماء على الأرض أو في عيون قد فقدت بريقها.. تراه في دمعة ألم في عيون أم فقدت وليدها، أو في عروس هُدمَت أحلامها برحيل زوجها.. في نظرتها إلى رداء زفافها و هي تضعه جانبا وترتدي بدلا منه رداء الحداد.

قد تري طيفه في طفل لم ولن يعرف إحساس الأبوة، فقد رحل الأب قبل أن يعرف ابنه.

تراه فيهم جميعا ولا تعلم إن كان حقا أم هو طيف !

إنه النصر.. تفقد أحيانا يقينك بأنه آت.. يقتلك القهر والظلم.. تتألم من كثرة الأرواح التي أُزهِقَت ولا أحد يعلم بأي ذنب قتلت..

قد يغرقك الظلم و الطغيان في بحر يأس عميق تتقاذفك أمواجه وتُفقدك كل ما تملك من أمل، ولكن أليس الله بالحق ! أليس الله هو المنتصر الجبار .. !

فإذا راودتك يوما ظلمات اليأس و الحزن .. تذكر بسمة الشهيد المجهول .

إن أرقتك شكوكٌ وأصبحت بلا يقين انك على حق، تذكر كيف كانت تفوح رائحة المسك ونحن نشيع احد شهدائنا و نزفه إلى الجنة.. أتفوح رائحة المسك ممن مات على باطل !

تذكر إن كل من مات، مات وهو يطلب حقه في الحياة فقط ! أليس هذا بحق !

كلما فقدت أملك انظر إلى وجه خالد سعيد الذي يكسو الظلم براءة ملامحه و من براءته ستسمد الأمل.. انظر إلى ابتسامة مينا دانيال، وتذكر كيف هي صامدةٌ رايته معنا في كل المعارك ، تماما كما كان مينا.

حين تنبذ جانبا لتلتقط أنفاسك في المعركة ستجد علاء عبد الهادي يضمد جراحك حتى تقف مرة أخرى و تجدمحمد مصطفى يأخذ يدك و يعود بك لتكملوا معا المعركة.

حين يقتلك الحزن، فِر إلى ربك وأقم ركعتين له في الأزهر، ستجد شيخنا عماد عفت جالسا بين تلاميذ، بين يديه المصحف و يقرأ قوله تعالى (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174) )…… قَبِل رأسه وكن على يقين بفضل الله العظيم وتوكل عليه.

اذهب إلى الكنيسة، فمايكل مسعد جالسا هناك يؤدي صلواته، مناجيا ربه، راجيا منه أن يكون بجانبك وينصرك.

اذهب إلى بورسعيد، ستجد كريم خزام ومهاب جالسين في المدرجات يداعبان أنس الصغير التي تملأ ضحكته أرجاء الملعب، قد لا تستطيع سماعها بوضوح فرشدي الفنان يدق عاليا على “الطرمبيطه”، وبجانبه غندور يُشعل فينا الحماس بهتافه، ستجد مصطفى متولي ومحمود سليمان يرفعان لافتة مخطوطة بدماء خالد الرسام، كُتِبَ عليها “يوم ما أفرط في حقه هكون ميت أكيد “… تجول في المدرج ستجدهم جميعا في شموخ وصمود لا يرفعون شعاراً سوي “هنجيب حقهم “.. هم لم يملوا طريق الثورة، فهل تَمِلَهُ أنت ؟!

قم واستجمع قواك فالصدام آت والمعركة قريبة.. فلطالما بقيت حقوقَهم معلقة في رقابنا لن نهدأ ولن نَكِل.

كن على يقين إننا لن نلقى سوى مصير من اثنين “النصر أو الشهادة ” فإن كان النصر – وهو آت لا محالة- فقد حققنا مرادهم و إن كانت الشهادة فلنحلق بهم في جنة الخلد و ليكمل رفاقنا من بعدنا المسيرة حتى النصر.

كن على يقين بأن النصر حقاً.. وتذكر قول سيدنا علىِ: “لا تستوحشوا طريق الحق لقلة سالكيه”.

مستمرون ومثابرون.. إما النصر و إما الشهادة

فالمجد للشهداء والنصر للأحياء

No comments:

Post a Comment